كيف تخلق الحب

وهل الحب مخلوق حتى يخلق أمأنه مجرّد شعور بصراحة اجابة هذا السؤال تتكون من شقّين الشق الأول ماهو الحب حتى نستطيع أن نرجعه الى أصله وقبل تكوينه فهل هو شيء ينمو ويتكاثر ؟

الحب ينمو في الجسد ويتحد مع الروح ان تمكّن منها وينعكس جماله على الكون ويصاحبه لذة وفرح لا مثيل لهم فالحب هو نبض القلب ودونه يصبح القلب مجرّد آلة تؤدي مهمتها في ابقاء الانسان حي ولكن مع الحب يرتوي القلب ويزيد اجمرارا وتوهجًا وجمالاً ، الحب يأتي في أعلى طبقات المشاعر ولايمكن الاستحواذ عليه والعكس صحيح فالحب هو المسيطر على المضيف كان من يكون فمن يفتح أبواب الحب لا مجال لدخول الحزن والهم والضيقة ومن الضروري أن نعرف أن الحب لا يحتاج لطرفين حتى يعيش !! اذن أنت تعترف أن الحب كائن مخلوق ؟؟

نعم الحب كائن مخلوق ينمو ويحتاج لطرفين حتى ينمووينضج ويتكاثر ولكن وجود الحب مع طرف واحد لا يسبب له الموت ويستطيع أن يعيش ولكن يواجه صعوبة في النمو لأن الحب يتألق بين طرفين يعملون بطريقة ارسال واستقبال ويكون في أوجّه عندما يصاحب الحب شعور بالبهجة والسعادة والروقان والهناء والهيام نعم هذه هي البيئة التي يحتاجها الحب

الشق الثاني من الاجابة كون الحب شعور في القلب لا يعني أن حاله كحال بقية المشاعر وهنا وجب التنويه والتوضيح كون الحب شعور لا يعني امتناعه كونه كائن فكل كائن يصاحبه شعور بالأشياء من حوله وكذلك الحب يستشعر المشاعر الموجودة لدى الانسان والمخلوقات بشكل عام ، الإيمان بأن الحب أكثر من مجرّد شعور يعطينه قوة ويرجعنا لبداية الخلق عندما أراد الله أن يخلق آدم وتفضيله على الملائكة وهذا بسبب الاختيار الذي منحه الله لآدم والاختيار ملازم لوجود الحب فالحب يحتاج لقرار والقرار يكون بالاختيار فنحن نختار أن نحب ونختار أن نمارس الحب ونختار أن نعيش بحب ونختار أن نجعل العالم مليء بالحب وهذا الاختيار هو ما جعل لآدم أفضلية عند الله على الملائكة فالحب الملازم للإختيار هو سبب حب الله في الأرض وسبب استمرارية جنس بني آدم على الرغم من الكوارث المصاحبة لهذا الحب فلازال هناك البعض لم يفتح قلبه لطاقة الحب حتى تسيطر على الأرض ويكون هناك سلام حقيقي

تقول رابعة العدوية إمامة العاشقين التي أفنت حياتها في محبة الله

أحبّك حُبين؛ حبّ الهوى *** وحبّا لأنك أهلٌ لذاكا

فأما الذي هو حُبّ الهوى *** فشُغلي بذكرِك عمّن سواكا

وأما الذي أنتَ أهلٌ له *** فكشفُك للحُجب حتى أراكا”


لا يمكن أن نحصر الحب مع المشاعر فهو يتسيّد المشاعر ويعلو عليها وبما أن الحب ينمو ويزداد فهذا دليل على قدرته في التفاعل ويحتاج الحب لأرض خصبة وبيئة ملائمة حتى يزداد توهّجًا ويتسع عطاءًا

يتفرّد الحب عن بقية المشاعر أنه سبب كل شيء فالحب بلاشك هو سبب وجود الموجودات ، سبب وجود الأرض سبب وجود الانسان سبب وجود الحياة كل شيء بدأ بالحب ويستمر بالحب ، الحب يدفعك لأقصى طاقاتك ويجعلك أقرب لنفسك الحقيقية يقول الله عزّوجل

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}

فهذه الآية دليل على وجود محبة الله قبل أن يولد الانسان فمحبة الله تسبق وعطايا الله تسبق والفارق هو الانسان ان كان قلبه يسع الحب فسيصبح انسان صالح وان كان قلبه يلفظ الحب فسيصبح طالح ، وهذا يجعلنا نقفز لمفهوم خطير وهو أن الحب هو الكائن والمخلوق والحكم على طبيعة العلاقة بين المحب والمحبوب وبين العبد والخالق وبين الخالق والمخلوق

الجميل في الأمر أن الانسان لا يستطيع أن يخلق الحب لأن الحب موجود قبل وجود الانسان ولكن يستطيع أن يستدعيه داخل قلبه بأن يفعل الأشياء التي يحبها وبأن يجعل الحياة أكثر اشراقًا وأكثر جمالاً الحب يجب أن يستدعى ويجب أن يطالب به حتى يقتحم عالم القلوب

كل شيء سيتغير فيك اذا تقبلت الحب واستقبلته في قلبك يقول الله عزوجل ﴿ لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ نظرتك للأمور ستتغير وأنت نفسك ستندهش من طاقة الحب المهولة التي ستملأ قلبك وتكشف عنك الغطاء سترى كأنك أول مرة ترى في حياتك ، الاجابات دائما موجودة بالقرب من الانسان وكل ما علينا فعله هو امعان النظر وأن نفتح قلوبنا لاستقبال الحب وما معه من طاقات حميدة جميلة مفعمة بالقوة في التغيير

Previous
Previous

ان لم تحب فأنت لست أنت معظم الأوقات

Next
Next

حبّ الله يتجلى لك عندما تحب مخلوقاته