قوة الآن

Photo by Skylar Kang

هذه المقالة مستلهمة من كتاب الحضور مايكل براون وأردت أن أمزج فكرة الحضور- قوة الآن مع تفادي الاصطدام بالمنظومة المجتمعية التقليدية ، ولكن قبل أشرع في الولوج الى عملية المزج وجب أن أوضح معنى المنظومة المجتمعية التقليدية

المنظومة المجتمعية التقليدية

هي الأفكار والعادات والتقاليد الموروثة من المجتمع وتعاقبت الأجيال داخل المجتمع على نقلها بغض النظر عن مدى صحتها أو أهميتها فأصبحت ضرورة والحياد عنها خطأ في نظر المتعاقبين على المنظومة المجتمعية التقليدية ، تكونت هذه الأفكار وقد تكون صحيحة في وقتها وعلى الرغم من تغير المجتمع والطفرات التحديثية والتطورية التي تحصل بهذا المجتمع الا أن هذه المنظومة تكتسب قوة حتى بعد مرور الزمن بل بالعكس الزمن يعطيها قوة وأصالة وتصبح متجذرة حتى لو كانت هي السبب في تأخر المجتمع وتسبب مشاكل كثيرة

من السهل جدا عيش تجربة الحضور كما أرادها مايكل براون في كتابه الحضور ولكن مع وجود الأفكار التقليدية النابعة من المنظومة المجتمعية يصبح عيش الآن صعب

أن تعترف بكيانك بأحقيتك في الولوج الى عالم المعرفة الذاتي وسأشرح معنى عالم المعرفة الذاتي فيما بعد ، المعرفة التي تكتسبها أنت من خلال تجاربك أنت وليس من خلال تجار غيرك ، قد يقول البعض من الجميل أن نستفيد من تجارب الغير سأقول نعم والأجمل عندما تصقل شخصيتك من تجارب أنت مررت بها ، سأعطيك الخلاصة وصدقني لن تجدها في كتاب أو حتى في أفكار كبار مؤؤسسين درب السعادة أو حتى عند عتاولة السعادة أو منظرين السعادة المعرفية ، خذ هذه الخلاصة انها هديتي لك وستجدها فقط في أفكار رجل عجوز شردت الأيام منه وأصبح لا يبالي بمعنى الحياة ، لا ينبغي أن تتجنب المشاكل والحفرات لأن الحياة مهما تجنبت حفراتها ومشاكلها ستعمل على توليد زخم أكبر من المشكلات والحفرات وسيتعين عليك مجابهة ما تعطيك الحياة لذلك من الأفضل أن لا تغضب طريقة سير الحياة وطريقة تعامل البشر مع المشكلات في الحياة ، ليس هناك مهرب من الحياة يقول الله عزوجل في كتابه الكريم

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ

اشارو ودليل رباني أن في الحياة تعب ومشقة فأين المفر وأنت تحاول القفز فوق المشكلات من خلال التعلم من تجارب الآخرين ، ليس هناك مانع من تعلم طريقة الخروج من المشاكل حسب بعض الآراء أو الخبراء ولكن لا تنسى أن تنمو شخصيتك مع كل مشكلة تواجهها

الحضور سيأتيك اذا أدركت أنك لابد أن تصبح أنت أنت الحقيقي ولكي تصبح أنت أنت الحقيقي عليك أن تصقل نفسك من التجارب عليك بالمرور في التجارب ، نعم تجارب الآخرين تعلمك وقد تقصر عليك الطريق أو تعطيك اشارات ولكن الحقيقة أنت تحتاج للمرور بالمشاكل في حياتك لتتعلم منها ولتصبح أنت الكيان الأفضل في منظومتك الفكرية ، مع الوقت ستدرك أنك مميز وأنك قادر على التكيف والتأقلم مع الحياة ستتكون لديك نظرة وهنا ما أريده من هذه المقالة ، وهو أن تتفادى المنظومة المجتمعية التقليدية أو على الأقل تضع أفكارها تحت المجهر ولا تأخذ الأفكار كمسلمات فكل شيء بالدنيا يجب أن يخضع للتقييم والتحليل حتى نتيقن من جودة الأفكار ولا نأخذ الأمور كمسلمات

هذه الجملة ابتكرتها حتى تساعدك في الدخول لعملية الحضور في الآن

الحياة جميلة في الخارج

نعم هذه الحقيقة وهذه الجملة عليك في ترديدها وصدقني ما أن تؤمن بها حتى تتغير حياتك وستلاحظ أنك قادر على فعل الكثير والكثير من الانجازات ، فالحياة جميلة في الخارج دلالة واشارة أنه عليك الخروج لمشاهدة الجمال في كل شيء ، ضع في رأسك أنك تريد أن تشاهد الجمال أنك تبيحث عن الجمل أنك مفتون بالجمال صدقني ستلحظ الجمال في كل شيء والمفاجأة الكبرى أنك الجمال سيأتيك ، عليك فقط أن تغادر وترحل الى مواطن تكون فيها سعيد ، لاتترك نفسك في بيئة غير صحية ، ابحث غامر فكر غادر اركض استمتع اصنع يومك ، كما أن فنجان قهوة من البن اليمني المعتبر كفيل بتغيير المزاج كذلك الأفكار المنبثقة من جملة الحياة جميلة في الخارج ، اخرج ابحث عن الجمال ستجد في الخارج ماتريده ، وأنت وأنا ولكنا نريد حياة جميلة هذه الأفكار ستغير الحياة في عينيك وستصبح هذه الأفكار حقيقة ، لأنك آمنت لأنك تحركت لأنك أردت مشاهدة الجمال في الخارج

حتى نصبح أفضل علينا أن نؤمن أننا قادرين على نصبح أفضل ، قابلت الكثير من الأشخاص ولايمنعهم من حصولهم على نسختهم الفضلى سوى عدم ثقتهم بإمكانياتك ، أحيانا المجتمع يعمل على تقليص قدراتك وستواجه أشخاص يققلون من قتك بنفسك عليك أن تسمع لصوتك فقط عندكا يتعلق الأمر بالثقو بالنفس ، فالثقة بالنفس تعتبر أحد أعمدة الارتكاز التي تعتمد عليها قوة الآن - الحضور وكتبت في مقالة سابقة بعنوان كيفية تطوير الشخصية عن الثقة بالنفس وعلاقتها بتطوير الشخصيةويمكنك الذهاب اليها وقراءة أهمية الثقة في النفس ودروها في تعزيز تطوير شخصيتك

قوة الآن يعني أن تغادر وتكون قادر على المغادرة دون تردد ، ابتعد عن كل ما يؤذيك فالحياة لنن تقصر في هذا الجانب ولا نريد أن نقاوم الحياة ولكن نريد أن نتعايش مع ما تعطينا الحياة دون استسلام فالتعايش يعني تقبل والتقبل قوة اذا عرفنا أن كل شيء ممكن ، ومن الممكن سنبدأ في تحقيق ذواتنا وفي المقام الأول علينا أن نتطور ونعطي لنفسنا الأهمية في عيش حياة سعيدة وصدقني ليس هناك أجمل من الحياة السعيدة القابعة خلف ترسانة الممكن

القدرات والابداعات والانجازات

مايميز الجنس البشري هو رغبته في التقدم ولكن الطريقة التي نصل اليها لانجازاتنا هي المعيار في عيش الآن واختبار قوة الآن وفي عدم معايشة الآن وفتح أسرار قوة الآن ، طريقة الوصول يجب أن تكون ممتعة ، يجب أن تستمتع باللحظة مع الوقت يصبح الروتين هو المتسيد في الحياة وهنا يأتي دوري ك كاتب في السعادة ومدون محترف في مخاطبة القلب في أن أجعلك تكسر هذا الروتين ولا تنسى أن الهدف هو الاستمتاع في الطريق فنحن نريد جودة الحياة ولا نريد أن نعيش حتى لو حققنا الانجازات نريد أن نستشعر كل لحظة وكل سعادة في طريق تحقيقنا لهذا الانجاز ، ليس هناك أجم لمن تدوين أهدافك والسعي لتحقيقها والاستمتاع بالتجربة ، ستعرف أنك قوي وأنك قادر على نيل كل أمنياتك عندما تعرف أن من حقك أن تكون سعيد وتفعل الشيء الذي تحبه

أنا أقدر أنا مبدع أنا منجز هذه كلمات تحفيزية تعرف عليها اعشقها عانقها ستصبح أنت كيان محاط بالقدرة والابداعية والانجاز فأنت كثير اذا رأيت نفسك كثير

Photo by Guy Kawasaki

الفرق بين قوة الآن وراكبي الأمواج

لا تحتاج لتأجيل المهمات أو تقول سأصبح سعيدا عندما أحقق غايتي أو انجاز معين صدقني لن تصبح سعيدا بعدما تحقق ما تصبوا اليه لأن عقلك سيبدأ في اعطاءك مهمو أخرى وههنا ستبتعد أكثر وأكثر عن عيش الآن وبالتالي ستبتعد عن السعادة ، راكبي الأمواج يعايشون الآن ويختبرون قوة الآن مع كل موجة يركبونها فهم يفكرون باللحظة واهتمامهم منصب على توقيت المناسب لركوب الموجة ولكن قوة الآن الحقيقة لا تحتاج لوقت مناسب ولا تحتاج لأن تنتظر الموجة المناسبة في الحياة حتى تعيش قوة الآن ، الوقت المناسب لتعيش قوة الآن هو الآن

الأمر لا يتعلق بالموجة المناسبة انه يتعلق بك فأنت جاهز سواء كنت تعلم ذلك أم لا اتخذ خطوتك واستمتع بوقتك وعش أقصى طوحاتك في الآن ، السر يكمن في أنك شخص مميز وثقتك بذلك تساعدك على الاقتناع بأنه ليس هناك من شيء يزيد من قيمتك أو ينقصها أنت خلقت جميلا وكل ماعليك فعله هو أن تستسلم للقدر وتترك نفسك تسبح في الآن ، يقول الله عزوجل
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ

لا نحتاج لشيء بقدر احتياجنا لأن نحب أنفسنا ونثق بقدراتنا ، نريد أن تعلم ونصبح أفضل مع اكتساب مهارات جديدة ونصبح ناجحين في الحياة ونخطط لمستقبلنا ونتعلم من الماضي ولكن لا نغادر الآن فترة طويلة فالآن هو ملاذنا الآمن وهو آخر معاقل الحب التي تأخذك لأبعد مما ترى وأكثر مما تتصور ، الاهتمام بأنفسنا يبدأ بأن نترك أنفسنا تستدل على طبيعتها من جمال الطبيعة ، نترك أنفسنا بأن تداعب الطبيعة ، تتلمس أغصان الأشجار وتسمع لتغريدة العصافير وتمتزج مع أمواج البحر في هذه اللحظة ، لحظة الاندماج الحقيقي مع الطبيعة سيتجلى الوعي بأجمل حلة وستظهر حقيقتك ستشعر أنه ما من شيء يجعلك أفضل سوى أن تترك نفسك على سجيتها تماما كما قال الخالق

إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ

الحقيقة جلية واضحة وهي أنك في الأصل مؤصل لا تحتاج لنجاحات أو انجازات حتى تستدل على أصل ماهيتك الحقيقية تتضح ان تركتها على سجيتها ، ومن هناك أعود لعنوان المقالة الرئيسي وهو قوة الآن ، فقوة الآن موجودة في داخلك تحتاج أن تنظر بتمعن أكثر الى الداخل ، للأسف الغرب خلق ثقافة المجتمع الاستهلاكي وساعده الشرق في ذلك وسرعان ما تضمحل قوة الآن ان تركنا اللذات تسيطر على عقولنا وسأقول لك مالذي سيحصل ان ترك أنفسنا عائمة في الملذات الخارجية دون العمل على ذواتنا الداخلية

تدريجيا ستضعف قوة الآن وسنصبح غير قادرين مع الوقت على المكوث طويلا في الآن فتسيطر المادة على عقولنا وسننسى ذواتنا وننغمس في ملذات تزيدنا ارهقا وتعبا دون جدوى فالوصول الحقيقي هو أن نستفيد من وجودنا في هذه الأرض وهي أن نصبح أفضل من الملائكة ليس بعدم الخطأ ولكن بالتعلم من الخطأ ، الله فضلنا على الملائكة لحكمة وهي أننا نستطيع دائما أن تختار الصواب ومهما انغمسنا في الملذات وابتعدنا عن معايشة اللحظة الحالية وابتعدنا عن ذواتنا الآنية نستطيع أن نعود من جديد ونتعلم من جديد ،

قوة الآن لا تعيش في الذوات المنفصلة

نحن مخلوقات وأحباء الله انظر ماذا قال الله سبحانة وتعالى

وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ

يخاطب الله حبيبه المصطفى بأجمل كلام فيقول له فانك بأعيننا وهذا تعامل نابع من الحب ودليل على محبة الله العظيمة وأن الانسان من الممكن أن يحبه الله اذا كان المصدر واحد والمصدر هو محمد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله فيقول الله عزوجل

مَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا

اقرن الله جل جلاله اطاعتة باطاعة الرسول وهذا لأن مصدر الكلام واحد ومصدر التشريع واحد وهو الله سبحانة وهكذا نحن بالنسبة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ان أطعناه كسبنا طاعة الله وان أحببناه ربحنا محبة الله

لسنا ذوات منفصلة الله أودع سره في الانسان قبل أن يخلقه ولم يجعل هذا الجسد الوظيفي دون روح متصلة بخالقها فكما قلت المصدر واحد فشعاع الشمس مصدره من الشمس تشعر بأشعة الشمس وستشعر برحمة الرحمن ان أحبب الرحمن وطرق الوصول الى الله كثيرة فتجد البشر يلتقون في مسعاهم الى الله بأنهم يبتغون طريق واحد ظنا منهم أن هذا الطريق سيوصلهم الى الله حسب معتقدات كل شخص على وجه المعمورة ولكن المسعى واحد والطلب واحد

الذات المنفصلة لا تعرف معنى الحب ، أحث قراء مدونتي وأصدقائي وأحبائي على الحب والاعتراف بطاقة الحب كطاقة توصل للمصدر ، أحب الله الانسان وفضله لذلك لا أعرف طريق الى الله غير الحب ، طريق الحب آمن يوصلك بأن تعترف أنك لست ذات منفصلة ، هناك أشياء يصعب تفسيرها ومن ضمنها الحب فالحب شعور جميل يأخذ الانسان لعوالم من السعادة ويساعد القلب على أن يعيش بسلام ومحبة وهدوء لذلك هذا هو الغرض الأساسي من الحب أن تنعم بالسعادة ومع الوقت ستشعر أنك تحن وتحب الى خالق هذا القلب ، ستستشعر عظمة الرحمن

يغمرك الحب سيطفو قلبك على سطح المعرفة وستدرك أن محبة الناس من محبة الله فكما أحب الله الانسان عليك أن تحب ما أحبه الله فكل الناس يرجعون لخالق واحد وهو الله، أن تستشعر عظمة الله في الانسان ستعرف كيف تبحث عن نفسك في قلوب الناس ، حينها ستتعلم من كل شخص تقابله في حياتك لأنك تعلم الحب ستعرف كيف تصغي وتكن مستمعا جيدا ستبحث دائما عن المعرفة التي تجعلك انسانا أفضل يعرف ماهيته ويتكيف مع مشاعره

عندما نتوحد مع الطبيعة ونترك روحنا تمتزج مع جماليات هذا الكون الفسيح سنصبح داخل الآن وسنمتلك القوة الحقيقية وهي قوة الآن ، في الحقيقي ليس هناك أجمل من المعرفة الذاتية فكلما بحثت في الداخل ستجد الاجابات ستجد الجمال الحقيقي ستشعر ، عليك الانطلاق من جسدك لكي تعرف أنك في الطريق الصحيح لمعايشة الآن ستشعر بنبضات قلبك ستشعر بأنك مستمتع حتى في الأشياء البسيطة ، لن يزيدك شيئا علوا فأنت عالي بحبك لنفسك وللبشر وبتصالحك مع حكمة الله في كون وهي حتى تكون أفضل عليك أن تتعلم من الأفضل وهو الحبيب المصطفى عليه صلوات الله فيقول الحبيب

وهذه دعوة للمحبة الانسانية فبالحب لا نصبح ذوات منفصلة ولكن نتحد بشعورنا واحساسنا لنصل لغاية يريدها القلب وهي محبة الله وخلال هذه العملية ستلحظ نفسك أكثر وعيا وأكثر محبة وأكثر تصالحا مع نفسك ومع البشر ومع الكون لحظتها ستكون أنت في الآن وستصبح ذاتيك آنية تعشق اللحظة وتستوطن مكامن الجمال في هذا الكون الفسيح

Previous
Previous

كن مع نفسك في الطريق الى السعادة

Next
Next

كيفية تطوير الشخصية